السبت، 1 نوفمبر 2014

جيروزاليم بوست: تحالف مصري سعودي إسرائيلي

مترجم عن COLUMN ONE: Understanding the Israeli-Egyptian-Saudi alliance للكاتبكارولين جليك


اعتبرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية, في مقال نشرته مؤخرًا للكاتبة كارولين جليك, أن حرب غزة الأخيرة ليست حربًا قائمة بذاتها, ولا تنفصل بدورها عن سياق التغيرات والتداعيات الإقليمية, والتفاهمات الاستراتيجية, والتهديدات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن الذي يعتريه بعض التطورات السياسية التي أحدثت بدورها متغيرات غير مسبوقة, فعلى النقيض من مواقف النظامين المصري والسعودي الداعمة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”, باتت حماس في نظر تلك الأنظمة جزءًا من محور السنة الجهادي الذي لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فقط, بل يمتد هذا التهديد ليشمل تلك الأنظمة على السواء.


وأضافت الكاتبة أن الدعم الذي تلقته حماس من قبل ما أسمته بتحالف تركيا وقطر وجماعة الإخوان المسلمين في مصر حال دون وقوع الحركة في غيابات الجب, كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر الصيف الماضي, كما أن هذا الدعم يأتي في سياق المساعي التي يبذلها ذلك التحالف لإعادة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر مرة أخرى, متكئين في ذلك على دعم غربي لحماس ضد إسرائيل, ذلك الدعم الذي قد يفضي إلى نصر استراتيجي لمحور السنة الجهادي، إذا نجحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في إجبار مصر وإسرائيل على فتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة.

وفي هذا الصدد, أبدت الكاتبة مخاوفها حيال تلك المساعي الغربية الداعمة لحماس, مشددة على أن النهج الذي تتبناه حماس لا يختلف عن ذلك النهج الذي يتبناه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام, أو ما يطلق عليه اختصارًا تنظيم داعش, من قبيل المذابح الجماعية والترهيب النفسي, محذرة في الوقت ذاته من أن تتحول غزة بعد الحرب إلى ما دعته الكاتبة بالنسخة المحلية من مدينة الموصل العراقية التي تخضع لسيطرة تنظيم داعش, ناهيك عن أن المطالبات الأمريكية لإسرائيل بالسماح لغزة بإعادة الاتصال مع الضفة الغربية من شأنها أن تفسح المجال أمام حماس للسيطرة العسكرية على كافة المناطق, الأمر الذي يعني استمرار خطر إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، وخاصة جنوب إسرائيل في بئر سبع وأشدود وعسقلان.


على الصعيد المصري, رأت الكاتبة أن انتصار حماس في حربها مع إسرائيل من شأنه أن يدعم ويعزز جماعة الإخوان المسلمين في مصر, وهو ما يشكل بدوره تهديدًا خطيرًا للنظام المصري. ولا يقتصر الدعم الذي يمنحه ذلك الانتصار بحسب رأي الكاتبة على جماعة الإخوان المسلمين, بل يمتد ليشمل تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتلقى دعمًا من قبل تركيا وقطر, والذي يسعى إلى توسيع رقعة الفتوحات التي بدأها في العراق، وسط تكهنات بأن تمثل السعودية أو حتى أجزاء منها الهدف التالي لتوسعات ذلك التنظيم, خاصة وأن تنظيم داعش يتجنب الدخول في مواجهة شاملة مع إيران, كما أن تمركز القوات الأمريكية في الكويت, وما يتمتع به الجيش الأردني من قوة ووحدة يحول دون الإقدام على أية مغامرات عسكرية في هاتين المملكتين, على النقيض من لبنان التي تتعرض لخطر العمليات العسكرية لداعش رغم ما يتمتع به النظام في بيروت من دعم سعودي.

وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي, استنكرت الكاتبة الدعم الأمريكي لأعضاء المحور الجهادي عبر تبنيها لمطالب إعادة فتح المعابر الحدودية, واصفة ذلك التبني بالمسمار الأخير في نعش المصداقية التي تحظى بها الاستراتيجية الأمريكية فيما بين الحلفاء التقليديين في المنطقة, مشيرة إلى أن واشنطن إنما ترمي من وراء دعمها لحماس إلى تثبيت أركان الاتفاقية التي أبرمتها مع إيران بشأن برنامجها النووي من جانب آخر.

ونوهت الكاتبة كذلك إلى أن رفض إدارة الرئيس الأمريكي أوباما اتخاذ تدابير وإجراءات هجومية تهدف إلى تدمير تنظيم داعش, يعطي دلالات لبعض دول المنطقة مثل السعودية وغيرها من الدول الخليجية على أن الإدارة الأمريكية في عهد أوباما لا تسعى إلى العودة من جديد بقواتها العسكرية إلى العراق, حتى وإن كان الثمن في المقابل هو توسيع الفتوحات التي بدأها تنظيم داعش ليشمل بعضًا من دول الخليج وفي مقدمتها السعودية.
وتابعت الكاتبة رصدها لتداعيات المواقف الأمريكية الداعمة لمحور السنة الجهادي الذي يضم حماس وجماعة الإخوان المسلمين, والسياسات الموالية لإيران, بقولها أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة قد أقنعت حلفاء واشنطن التقليديين ليس فقط باحتمالية أن يتوقف الاعتماد على الولايات المتحدة خلال العامين ونصف المقبلين, بل تعدى ذلك إلى توقعات بأن تسهم السياسات الأمريكية في الإضرار بمصالح تلك الدول وأنظمتها.

وبحسب ما ورد بالصحيفة, فقد أفضت السياسات الأمريكية في عهد أوباما وتخليه عن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة إلى نشأة شراكة مصرية سعودية إسرائيلية. تلك الشراكة التي دفعت مصر والسعودية لدعم إسرائيل لهزيمة حماس والحفاظ على حدود غزة مغلقة, وذلك لما يمثله انتصار حماس من تهديد للنظامين المصري والسعودي، خاصة وأن الحركة تشكل جزءًا من التحالف السني الجهادي كما أشرنا آنفًا.

وبالرغم من أن الصحيفة أشارت إلى إدراك اليسار الإسرائيلي لهذة الشراكة الجديدة, فإنها انتقدت في ذات الوقت الدعوات التي أطلقها زعماء اليسار في إسرائيل, ومن بينهم يائير لابيد, وزير المالية, وتسيبي ليفني, وزيرة العدل, لاستثمار هذه الشراكة في دعم منظمة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس, وصولاً إلى دعوات بعقد مؤتمر إقليمي للسلام, وهو ما اعتبرته الكاتبة بمثابة المشهد الختامي لمسلسل الشراكة الجديد, نظرًا لما أكدت عليه الكاتبة من أن التعاون الاستراتيجي لإسرائيل مع مصر والسعودية ينبني في الأساس على دعم مصالحهما المشتركة التي قد لا ترتبط بمصالح منظمة التحرير الفلسطينية, كما أن الظهور العلني لأي حكومة عربية مع القادة الإسرائيليين هو بمثابة التوقيع من قبل تلك الحكومات على أوامر الموت الخاصة بهم كما رأت الكاتبة.

وأوضحت الكاتبة أن الحفاظ على المصالح المشتركة بين مصر والسعودية وإسرائيل، والتي تتمثل في مجابهة المساعي الإيرانية لتطوير برنامجها النووي, والقضاء على جماعة الإخوان المسلمين, ومواجهة التهديدات العسكرية والسياسية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام, مرهون بقدرة هذه الدول على دعم الشراكة الجديدة فيما بينها على الأقل خلال الفترة المتبقية من الفترة الرئاسية لأوباما، خاصة وأن أي إجراء عسكري لإسرائيل ضد إيران, في ظل الدعم الأمريكي للبرنامج النووي الإيراني, يتوقف بالأساس على الحصول على الدعم الإقليمي خاصة المصري والسعودي.

واختتمت الكاتبة المقال بتوقعاتها أن تمضي الشراكة الناشئة بين مصر وإسرائيل والسعودية في طريقها حتى عام 2017، باعتبارها نتاجًا مباشرًا لسياسات الإدارة الأمريكية الحالية في المنطقة، خاصة ما يتعلق منها بمصداقية الاستراتيجية الأمريكية, مطالبة تل أبيب أن تعمل بهدوء وبجدية مع مصر والسعودية لدعم الإنجازات المشتركة في غزة, ومشددة على أن التحالف الإسرائيلي المصري السعودي من شأنه أن يبقي جميع أعضائه على قيد الحياة، ليس فقط في عهد الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة أوباما, بل مع تولي الإدارة الأمريكية الجديدة لمهامها في 2017، سواء قررت هذة الإدارة أو لم تقرر إعادة بناء هيكل تحالفاتها في الشرق الأوسط.