الثلاثاء، 9 مايو 2017

جلجامش والبحثُ عن الخلود

تتحدّث ملحمةُ جلجامش عن ملك Uruk الذي يدعى جلجامش ، والذي كغيره من الأبطال، يتميز بأن ثلثي جسمه إلهي وثلثه الآخر بشري، أي أنّه ابن لبشري وآلهة. فكان أجمل وأقوى الرجال في العالم وأكثرهم حكمة.


ولكن على الرغم من إلوهية هذا الملك جسماً وعقلاً فقد بدأ حكمه كطاغية ، فكان يغتصب أي امرأة تستهويه سواءً كانت زوجة أحد محاربيه أو ابنة أحد النبلاء أو حتى ابنة أحد العامة. ولم يتوقف طغيانه عند ذلك فحسب بل أجبر شعبه على العمل وذلك لبناء مملكته .

واستمر طغيان جلجامش وعذاب شعبه إلى أن تضرّع الشعب للآلهة طلباً للمساعدة.

سمعت الآلهة التماس هذا الشعب المضطهد ، وقررت خلْق رجلٍ بنفس قوة جلجامش حتى يكون هناك من يستطيع ردعه. فخَلق الإلهُ Anu رجلاً يدعي Enkidu و جعله مميزاً كتميز جلجامش.

أصبح Enkidu والملك صديقين حميمين ، الأمر الذي حطم قلب جلجامش عندما مات صديقه بمرض أصابته به الآلهة. فكان ذلك هو دافع الملك إلى السفر لحافة العالم وتعلم كيف كانت الحياة قبل الطوفان، واكتشاف أسرارٍ أخرى ودوّنهم على ألواح حجرية.

تبدأ الملحمة ب Enkidu وهو يعيش بين الحيوانات ، يشرب الحليب من أضرعتهم ويرعى في مروجهم. إلى أن رآه أحد الصيادين الذي بعث بمومس إلى البرية لتغويه وتروضه.، حيث كان الإعتقاد السائد في ذلك الوقت أن النساء والجنس هما القوتان المهدئتان اللتان تستطيعان تحويل الرجل الجامح إلى متمدن. وعندما رضخ Enkidu إلى إغراء المومس ونام معها، رفضته الحيوانات واعتبرته أنه لم يعد منهم. وبعد رفضه من قِبَل العالم الحيواني، أصبح Enkidu جزءاً من العالم البشري ، فقامت المومس بتعليمه كلّ ما يحتاج له ليصبح رجلاً.

سمع Enkidu من المومس الكثير عن الملك جلجامش الأمر الذي دفعه للسفر إلى Uruk لتحدّيه. وعندما وصل Enkidu إلى المملكة، كان جلجامش يشق طريقه إلى غرفة زفاف عروس لينام معها قبل زوجها كما جرت عادته السيّئة ، فقام Enkidu بالوقوف في المدخل ومنعه من الوصول إليها. فتصارع الرجلان بضراوة حتى انتهت المصارعة بفوز جلجامش وتحولّا إلى صديقين مقرّبين يبحثان عن مغامرةٍ يقومان بها.

وكانت المغامرة تتمثّل بسرقة أشجار من الغابة الأرزية التي حُرِّمت على الفانيين ، و هذه الغابة كانت محروسة من قِبَل شيطانٍ مرعبٍ يُسمّى Humbaba ، وهو خادمٌ مخلصٌ لإله الأرض والريح والهواء Enlil.

فقام البطلان بهذه الرحلة الصعبة إلى الغابة حيث قاتلا حارس الغابة سويّةً، وبمساعدة إله الشمسShamash نجحا بقتله، وقطعا أشجار الغابة المحرمة وصنعا من الطويلة منها بوابة هائلة الكبر أما بقيّة الأشجار فقد صنعا منها طوافة وأبحرا بها عائدين إلى Uruk.

وبعد عودتهم عبّرت عشتار (آلهة الحب) عن رغبتها بجلجامش الذي رفض الإستجابة لها. ونتيجة الرفض طلبت عشتار من والدها إله السماء Anu إرسال ثور الجنة وذلك عقاباً له. فنزل الثور وأحضر معه سبع سنوات من المجاعات.

تصارعَ جلجامش وصديقه مع الثور إلى أن قتلاه. وجرّاء ذلك اجتمعت الآلهة وقررت أنّ أحد الرجلين مصيره الموت، ووقع خيار الموت على Enkidu الذي مرض.

أصبح Enkidu يعاني ويشاهد العديد من الرُؤى عن العالم السفلي وكان يشارك رؤاه مع جلجامش حتى مات.

موت Enkidu جعل جلجامش حزيناً على صديقه وقلقاً على نفسه مهووساً بطريقة موته الخاصة.

فقام باستبدال ملابسه بجلود الحيوانات كنوع من الحداد، وانطلق إلى البرية مصمماً على العثور على Utnapishtim. فبعد الفيضان وهبت الآلهة الحياة الأبدية إلى Utnapishtim الأمر الذي أشعل شعلة أمل عند جلجامش الطامع بمعرفة سرّ الخلود والنجاح بالهروب من الموت.

رحلة جلجامش أوصلته إلى جبلٍ يُدعى ب Mashu حيث يعيش Utnapishtim خلفه. ولكن العقربين اللذين يحرسان المدخل رفضا السماح لجلجامش بالعبور.

استمر جلجامش بالتوسل لهما إلى أن سمحا له بالعبور.

عبر جلجامش خلال ظلمة حالكة إلى أن وصل إلى حديقةٍ جميلةٍ مطلّةٍ على البحر، حيث قابل Siduri وأخبرها بمهمته. حذرته Siduri بأن البحث عن الخلود أمرٌ عقيم وأنّ عليه التلذذ بالعالم الذي يعيش به. وبما أنها لا تستطيع منعه، فقد أرشدته إلى مسؤول العبّارة Urshanabi الذي أبحر به على متن قارب في البحر وعبر مياه الموت إلى أن وصلا إلى Utnapishtim.

أخبره Utnapishtim عن قصة الفيضان حين أجمعت الآلهة على القضاء على البشرية. حيث حذره إله الحكمة Ea وأخبره بخطة الآلهة للقضاء على البشرية، وبطريقة النجاة ببناء مركب كبير لتستطيع عائلته وبذرة كل كائن حي من النجاة. وبعد محاولة الآلهة القضاء على البشرية وانحسار المياه، ندمت الآلهة على قرارها وقرروا عدم المحاولة بإهلاك بني البشر مرة أخرى. فكانت جائزته الخلود، أما الرجال فتموت والبشرية تستمر.

أصر جلجامش على قدرته على العيش إلى الأبد فقام Utnapishtim بإخضاعه إلى اختبار، ألا وهو "إذا كنت تعتقد بإمكانيّة بقائك حياً، فبالتأكيد تستطيع أن تبقى مستيقظا لأسبوع كامل". حاول جلجامش النجاح بالاختبار لكنه فشل. فطلب Utnapishtim منه أن ينظف نفسه ويلبس ثيابه الملوكية وأن يعود إلى Uruk حيث ينتمي.

وعندما كان جلجامش يهمّ بالعودة، أقنعت زوجة Utnapishtim زوجها بإخبار جلجامش عن نبتة الشباب. فذهب جلجامش ووجد النبتة وأخذها معه مخططاً مشاركتها مع شيوخ Uruk.

إلّا أن ّ ثعبانا سرق النّبتة و سرق معها حلمه بالشباب الدائم .

وبذلك عاد جلجامش إلى مملكته صِفرَ اليدين ولكنه متصالحٌ مع نفسه ، مقتنعٌ أنه لا يستطيع العيش إلى الأبد ولكن البشرية حتماً ستستطيع.