الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

بالصور: سيدة أعمال تونسية تزوجت أخطر سجين محكوم عليه بالإعدام


إنّ مجرد ذكر اسم سجن "برج الرومي" يثير الرعب والخوف لدى عامّة الناس في تونس؛ لارتباط هذا السجن بكبار المجرمين وأخطرهم، حيث يقضون وراء قضبانه سنوات طويلة من الاعتقال؛ عقاباً لهم على ما ارتكبوه، فهذا السجن مخصّص عموماً للمحكوم عليهم بالمؤبد أو بالإعدام، كما أنه اشتهر أيضاً كمعتقل تمّ في زنزاناته الزجّ بمن حاولوا قلب نظام الحكم عام 1962، وقد قضوا سنوات طويلة في داموس تحت الأرض لا يرون الشمس.


لذلك فان اسم "برج الرومي" يثير دائماً شعوراً بالخشية والرعب والخوف؛ لما ارتبط بصورة هذا المعتقل من قصص عذاب المساجين السياسيين، وقد ألف عنه الكثيرون كتباً رووا فيها ما عاشوه وراء قضبانه.

والحقيقة أن إدارة الإصلاح والسجون، التابعة لوزارة العدل، تسعى في الأعوام الأخيرة إلى جعل المؤسسة السجنية مؤسسة إصلاحية قبل كل شيء، وتعمل على أنسنة السجون.

سجن "برج الرّومي" شهد خلال هذا الشهر، أوغسطس، حدثاً استثنائياً؛ تمثل في إقامة حفل زواج لسجين فيه محكوم عليه بالإعدام لقتله خطيبته، وقد تمّ بعد سنوات من سجنه تخفيف الحكم إلى السجن المؤبّد.

كيف بدأت الحكاية؟

لأن هناك تفتحاً إعلامياً في تونس، فقد أصبح ممكناً إجراء تحقيقات صحفيّة وتلفزيونيّة من داخل السجون، وبثّ تصريحات من المساجين وتصويرهم، وهذا ما حصل في برنامج بثته القناة الوطنية التونسيّة الأولى، وتحدث فيه مساجين عن أوضاعهم ومشاغلهم، ومن بينهم سجين عبّر عن ندمه عما ارتكبه من جرم، مبدياً رغبته في سلوك طريق مستقيم.

وصادف أن شاهدت مواطنة تونسية، وهي سيدة أعمال مقيمة بإيطاليا، هذا البرنامج على الفضائيّة "تونس1"، فأعجبت بهذا السجين، وتعاطفت معه، وسعت إلى الاتصال بمحاميه؛ معبرة عن رغبتها في الالتقاء به للتعرّف عليه والزواج به إن قبل. هذا ما كشف عنه محامي السجين، منير بن صالحة، في برنامج "أحلى صباح" بإذاعة "موزاييك".

تراخيص وإجراءات

وتقول مصادر حقوقية لـ"سيدتي. نت" إنه لا بد من الحصول على ترخيص خاص من إدارة السجون بعد تقديم مطلب لعقد قران لسجين وإقامة حفل زواج له، وبعد الموافقة يجب تحضير كل الوثائق المطلوبة، وبالفعل قد تكفلت إدارة السجن بإجراء الفحص الطبي (إذ لا بد من شهادة طبية للزوجين لإتمام إجراءات إبرام عقد الزواج) ثم وقع الاتفاق بعد ذلك على تحديد موعد حفل الزواج.

علماً بأن القانون يخوّل لأقارب السجين أو لمحاميه فقط زيارته في السّجن، وقد قام المحامي منير بن صالحة بإعلام موكّله السجين برغبة المرأة في التعرف عليه ونقل إعجابها به إليه، وكان لابد من مطلب وترخيص لتقابله. وبموافقة السجين على عرض المرأة بالزواج، بدأ الإعداد للحفل.

حفل الزواج

ذكرت مصادر إدارة الإصلاح والسجون أن الإدارة تكفلت بإعداد حفل الزواج، وأحضرت فرقة موسيقية ومغنين ومطربين، تماماً كما يحصل في حفلات زواج التونسيين، كما تم إعداد قاعة فسيحة بها ديكور وكل مستلزمات حفل الزفاف، وتم السماح بدعوة بعض أهل السجين والعروس، كما تكفلت إدارة السجن بتوزيع الحلويات على الحاضرين وعلى بقية المساجين أيضاً.

وليست هذه المرّة الأولى التي يتم فيها إقامة حفل زواج بين سجين وامرأة، فأول وأشهر زيجة هي التي تمت في سجن "الناظور" بمدينة بنزرت بين عايدة الطرابلسي- وكانت وقتها في الثانية والثلاثين من العمر- ونادر (36 عاماً) وكانت بينهما علاقة عاطفية، قبل أن يحكم عليه بالسجن بـ28 سنة، بعد أن ثبت ترويجه للمخدرات. وسبق لـ"سيدتي" نشر قصة هذا الزواج الذّي يخرج عن المألوف.

وفي الزيجتين الاثنتين: كانت العروس في كامل زينتها وأناقتها وبجانبها عريسها، وبعد التوقيع على عقد الزواج بحضور الشهود وجمع من المدعويين، غنى المغنون، ووزعت الحلويات على "المعازيم".

وعندما شارف الحفل على نهايته، بعد أن تمت كل مراسم الزواج، وبعد تلقي التهاني وليلة الدخلة، تم اقتياد العريس بلباسه الأنيق مباشرة من حفل زفافه إلى مكانه المعتاد في السجن، وعادت العروس إلى بيت أهلها، فالخلوة الشرعية غير معمول بها في السجون التونسية.

ويبقى للزوجة الحق في زيارة زوجها في السجن، في انتظار يوم بعيد، بعد سنوات طويلة، ربما يخفف عنه السجن المؤبد إلى سنوات أقل؛ لينعما فيه ذات يوم بحياة زوجية عادية.