الأربعاء، 27 أبريل 2016

ماذا تعرف عن "الحرب العالمية الأولى" التي لا يعترف بها سوى الأتراك؟


على عكس ما يجري في معظم دول العالم، يطلق أغلب المؤرخين الأتراك على الحرب العالمية الأولى التي وقعت بين عامي 1914 و1918 اسم "الحرب العالمية الثانية"، فيما يسمون الحرب التي وقعت بين عامي 1939 و1945 "الحرب العالمية الثالثة". فما هي الحرب العالمية الأولى بالنسبة للأتراك؟


بالنسبة للأتراك، فالحرب العالمية الأولى هي تلك التي دارت بين السلطنة العثمانية وروسيا القيصرية بين عامي 1853 و1856، أو ما يطلق عليها اسم "حرب القرم".

كيف بدأت الحرب؟

يقول أستاذ التاريخ التركي في جامعة مرمرة د. جنكيز تومر لـ "هافينغتون بوست عربي"، إن المعركة كانت حرباً هامةً جداً بالنسبة للدولة العثمانية التي استخدمت خلالها التوازن الاستراتيجي بين الدول الأخرى لدفعها إلى المشاركة معها ضد الأطماع الروسية، ما يفسّر انخراط دولٍ كثيرةٍ فيها بينها مصر وتونس وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا إلى جانب الدولة العثمانية.

نشبت "حرب القرم" في الظاهر لسببٍ ديني تمثل في النزاع بين الكاثوليك الفرنسيين والأرثوذكس الروس حول حيازة الأماكن المقدسة في فلسطين، إلا أن السبب الحقيقي وفق المؤرخين هو رغبة قيصر روسيا نيكولا الأول الخروج بدولته من حالتها القارية، وإيجاد منفذ لها على البحر الأسود، مستغلاً حالة الضعف التي انتابت الدولة العثمانية التي قادها في ذلك الوقت السلطان عبد المجيد الأول.

ويرى د. تومر، خبير شؤون الشرق الأوسط في الجامعة، أن الحرب بدأت فعلياً عندما اجتازت القوات الروسية نهر بروث Pruth الفاصل بين الحدود العثمانية والروسية، واحتلت الأفلاق والبغدان (رومانيا وبلغاريا) على البحر الأسود التي كانت تدافع عنهما فرقةٌ عربيةٌ قوامها 10 آلاف جندي من سوريا ومصر، حيث صمدت تلك الفرقة أمام 80 ألف جندي روسي "صموداً قلّ مثيله في الحروب الحديثة".

دخول الحلفاء الحرب

استمرت هذه الحرب الشاملة زهاء 3 سنوات، انخرطت بها قوى غربية مع العثمانيين ضد الروس، كبريطانيا العظمى وإيطاليا (مملكة سردينيا حينها) وغيرها من الغربيين، في سعي للجم الطمع الروسي بالشرق الأوسط، بحجة الامتيازات الدينية في القدس والأراضي المقدسة.

شعرت بريطانيا وفرنسا بالخطر المحدق بالدولة العثمانية، وللحيلولة دون تحول روسيا إلى دولةٍ عظمى والسيطرة الكاملة على البحر الأسود والبلقان، قررت لندن وباريس دعم الدولة العثمانية، فأرسلت الأولى 30 ألف جندي والثانية 27 ألف جندي لدعم السلطنة.

ويؤكد أستاذ التاريخ في جامعة مرمرة، أن حلفاء الدولة العثمانية الأوربيين والعرب، جمعوا جنودهم في اسطنبول - التي كانت العاصمة العثمانية في ذلك الحين -، وتوجهوا رفقة قواتٍ عثمانيةٍ ضخمةٍ واقتحموا شبه جزيرة القرم، وبعد معارك دموية سقطت الجزيرة بيد العثمانيين، كما توجهت قوات أخرى وحاصرت فارنا (بلغاريا).

موت القيصر والهزيمة الروسية

كان من ضمن جولات "حرب القرم" معركة رومانيا التي هَزم فيها الجنرال التركي عمر باشا القوات القيصرية الروسية، وحين عرض الامبراطور الفرنسي نابليون الثالث الوساطة لإنهاء القتال بين العثمانيين وروسيا، رفض القيصر الروسي نيكولا الأول ذلك وقال، "أشعر أن يد السلطان على خدي".

ثم مات القيصر نيكولا الأول، وهو أول من أطلق اسم "الرجل المريض" على الدولة العثمانية، فعرض خليفته الصلح.

انتهت تلك الحرب بمعاهدة باريس، التي كانت بوابة كثير من التغيرات السياسية على كل الدول التي شاركت بتلك الحرب. وتم التوقيع على معاهدة الصلح في العام 1856 التي قضت بانسحاب جميع الأطراف إلى مواقعها قبل العام 1853، وكان ذلك أكبر نصر تحققه الدولة العثمانية على روسيا.