الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

اللبناني «المهضوم»…هكذا ينسج النُكات من الأزمات


انطفأت الأضواء في مطار بيروت، “طفّوا القازان” صرخ أحد الموظّفين، “و البرّاد” أضاف آخر. ثم تعالت ضحكات الحاضرين، اللبنانيين منهم فقط، فوحده اللبناني يفهم “شيفرة” النكات النابعة من أزماته. هذا ما حدث منذ فترة في المطار، و أولئك الذين ضحكوا اعتادوا إطفاء السخانات عند انقطاع الكهرباء و تشغيل المولّدات. و لا تنفذ من اللبناني أي من الأزمات و الأحداث التي ينسج منها نكاتاً تخفف من وطأتها. فهضامة الشعب اللبناني هي مساحة الحريّة التي يوجه من خلالها أشد الانتقادات بروح مرحة.


“الله لا يعلّق أزمة بلساننا”! لسان حال شريحة واسعة من الشعب اللبناني. فعلى سبيل المثال انشغل اللبنانيون مؤخراً بابن العم “أبو تين”، أي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، و قد تم نسبه بحكاية مفصّلة إلى جنوب لبنان، قريبنا الغالي “عبد الإمير بو تين”. و راجت الطرفة و راقت الشعب، المؤيد لضربات روسيا في سوريا و المعارض. فجمعتهم النكتة حتى ذاع سيط “الهضامة” إلى بعض وسائل الإعلام العالمية، و تناولت حكاية أبو تين اللبناني الذي صار رئيساً لروسيا. و بقي صانع النكتة الأول جندياً مجهولاً.

و مواكبةً للمستجدات ينشغل اللبنانيون بخبر القبض على أمير سعودي و مرافقيه الأربعة، بعدما ضبط بحوزتهم 2 طن و نصف من المخدرات في مطار بيروت.

و قد أطلقوا “هاشتاغ” #إذابينحبسالأمير_السعودي. و يبدو أنها التسلية المحليّة إلى حين حدث جديد. كلٌّ يطلق وعوده شرط أن يتم فعلياً حبس المهرّب”. 

و نذكر منها: #إذابينحبسالأميرالسعودي بدي وكّلو محامي الدير لي عينوا من أربعخمستشر. #إذابينحبسالأميرالسعودي بدي انزل ادفع ضبط السرعة و الميكانيك و عكس السير. #‏إذابينحبسالأميرالسعودي بدي ضل جمعة بلا تلفون. #‏إذابينحبسالأميرالسعودي إحنا هنروح في ستّين داهية بتمحو كل شي عالسّكت…لا مين شاف وَلا مين دِري. #‏إذابينحبسالأميرالسعودي بدي آخدلو صحن كبسة على رومية. #‏إذابينحبسالأميرالسعودي بدي سلّم حالي للدولة… و الوعود مستمرة على فيسبوك.  و احتل #اعتقالأميرسعوديفيلبنان و #مملكه_الكبتاغون ، لائحة الوسوم الأكثر تداولاً على تويتر.

كما انتشرت الصور الساخرة أبرزها صورة لعلبتي “طون”، تعليقاً على الـ2 طن . 

و في السياق ذاته، طالما هناك أزمات، هناك تعليقات و نكات. من أزمة النفايات إلى الفراغ الرئاسي…و إن لم تبرز أزمات أو أخبار جديدة لافته، يستقي اللبنانيون نكاتهم من تصريحات الساسة اللافتة و عراكاتهم أو من الطقس، عاصفاً كان أو مشوباً، لا يمر مرور الكرام. و اللافت أيضاً مزج النكات بالإعلانات التلفزيونية، حتى بات نجاح الإعلان في الوصول إلى الجمهور يقاس بمدى تداوله في النكات الساخرة.

و الجدير بالذكر أن الشعب اللبناني استفاد من وسائل التواصل الإجتماعي في سرعة نشر تعليقاته الساخرة محلياً و عالمياً.

من جهة أخرى، فإن أساس نشر النكتة كما نشر الخبر الصحافي يقوم على “الآنيّة”، فمصائب اليوم نكاتها اليوم، و للغد مصائبه و نكاته. 

وحده اللبناني يفهم شيفرة النكات، فعندما نشرنا نكتة “بو تين” على صفحة موقعنا بنت جبيل على فيسبوك، تلقى البعض المضمون بجدية، و هم من خارج لبنان و شكرونا على المعلومة، فعمدنا إلى التوضيح أن الحكاية مجرد مزحة.

ربما هي ملامح الشعب اللبناني التي تحمل في طياتها فراسة حسّ الفكاهة. و ربما هي أيضاً الأزمات الثابتة المتجددة و قد علمت اللبناني التعايش مع المصائب، حتى تخطّى الصبر متقناً حسّ الفكاهة. و باتت النكتة اللبنانية مساحة نقد حره تتيح للمواطن إبراز رأيه بابتسامه. و لا يجف معين النكات في لبنان، و إن جفّ نطالب ببحر ببنت جبيل، كما في بعلبك!