الخميس، 30 أكتوبر 2014

مترجم: كيف دمرت كل من سوريا وداعش حلم الربيع العربي

مترجم عن How ISIS and Syria drove a stake through the Arab Spring للكاتب Nahlah Ayed


انتظر العالم الربيع العربي طويلا. أجيال بأكملها رحلت قبل أن يأتي شبان وشابات ويطالبون بإحداث تغيير في أوطانهم بشكل سلمي. وشباب وشابات آخرون يزعمون بناء دولة جديدة تماما أطلقوا عليها اسم الدولة الإسلامية.

تقف قارات العالم بين هؤلاء وهؤلاء، بينما يقف باقي العالم العربي يراقب بقلق بالغ.

لم يكن من المفترض أن يفاجأ العالم بأن أول من سيصل إلى الحكم في أعقاب الثورات التي اندلعت قبل ثلاث سنوات هم الإسلاميون. فقد كانوا هم من يتصدر مشهد المعارضة في بلدان عدة، فزوال البيروقراطيين يعني بزوغ فجر الإسلاميين.

لكن القليل كان بوسعهم أن يتخيلوا التجربة الراديكالية المتمثلة في الدولة الإسلامية. أو كيف أن ظهورها المفاجئ وخطط قادتها الرجعيين التي يحملونها للعالم العربي يمثل عودة كبيرة إلى الوراء.

وحتى في سياق الحرب الأهلية السورية، فقد صدم العالم بالمقاطع المصورة لعمليات قطع الرؤوس وعمليات الصلب التي تنفذها داعش في حق من تصفهم بالمرتدين أو من الموالين لنظام الأسد. بل إن مشهد قيام مقاتلي التنظيم بإحراق أطنان من السجائر يمكنه أن يطلق موجة هلع في العالم العربي.

وبقدر ما شعر الكثيرون بالقلق من قتل عشرات الآلاف من السوريين، فقد كان تهديد التنظيم بالتوسع في السيطرة مصدر قلق آخر وخاصة عندما هدم الحدود بين العراق وسوريا.

في هذه الأثناء، فإن أولئك الشبان الذين سعوا إلى التغيير في المنطقة أصيبوا بخيبة أمل بالفعل بفشل ثوراتهم بفعل عودة أنظمة الحكم القديمة أو من يشبههم. إلا أن صعود داعش هو دليل دامغ على فشل مشاريع الإصلاح على الأقل في المستقبل المنظور.

النسخة العربية لحركة طالبان

إن السبب في هذا الفشل هو أن داعش أعادت قضية الإصلاحيين عشرات السنين إلى الوراء. فالمعركة ضد التنظيم ستعرقل مسيرة الإصلاح لأن على الإصلاحيين التنحي جانبًا في الوقت الذي تنشب فيه مجددا معركة وجودية بين بلدانهم والإسلاميين.

إن هذه المعركة ليست بقيادة الولايات المتحدة فقط، ولكنها مدعومة على نطاق واسع من حكومات المنطقة بدءًا من إسرائيل وصولا إلى الرياض ودمشق.

إن العديد من الإصلاحيين يدعمون هذه المعركة أيضا. لكنهم لا يشاركون بها لعلمهم بأنه كان من الممكن تجنبها.

لسنوات طويلة، تلقت الدول العربية تحذيرات متكررة من ازدياد الغضب بين شبابها، وكيف أن بلدانهم بحاجة لإصلاحات سياسية واقتصادية. وكيف أن الإسلامين يستمدون شرعيتهم من قمع السلطات.

ولكن بدلا من ذلك، شددوا من عمليات القمع عوضا عن تقديم الأمل. فجرى تعذيب وسجن المعارضين من الإسلاميين وغيرهم. واحتلت التنمية الاقتصادية مرتبة ثانوية بعد الاستقرار.

لقد أظهرت الثورات العربية مدى تعنت الأنظمة العربية. كما أن المقاومة العنيفة للتغيير من طرف تلك الأنظمة مهد الطريق لصعود المتشددين. فبسبب رفض النظام السوري للإصلاح واختياره الحرب الأهلية، ظهرت االنسخة العربية من حركة طالبان الأفغانية.

ها قد أتت الولايات المتحدة

إن ظهور داعش أتى بعد الغزو الأمريكي للعراق، ولكنه ما كان ليتوسع هكذا لولا اندلاع الحرب في سوريا. إن الدولة الإسلامية – حالها كحال كل الدول الدكتاتورية – لا تكترث لحرية التعبير والرأي ولا حتى الحرية الدينية.

إن ذلك التشدد هو الأساس التي بنت عليه الولايات المتحدة جهودها لمحاربتهم. وهي جهود قال أوباما أنها ستستغرق سنوات.

إن التقدم الذي يسعى إليه الإصلاحيون يصعب تحقيقه في وجود داعش. فهم يرون منطق الفساد القديم يعود لينتصر. إن ظهور داعش في سوريا دعم مزاعم بشار الأسد بأنه يحارب المتطرفين وليس المنادين بالحرية.

لذا مجددا، جرى تأجيل الإصلاحات من أجل الصالح العام. ولا تزال الحرب على رأس الأجندة في الشرق الأوسط.