الجمعة، 16 يونيو 2017

محاكم عشائرية بدلا من القضاء .. و أسئلة بلا إجابات

لم تكن اعترافات المتهم الأول بخطف الممرضة سماح قطيش المدعو علاء نكد في إحدى مضافات مدينة السويداء جديدة على الناس إلا في بعض التفاصيل الصغيرة المملة التي لا تشفي الغليل ولا تسمن من جوع.


فالهجوم المتعدد الأقطاب الذي شنه متابعي الفيديو الذي بث على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي لم يتوقف للحظة واحدة بسبب الاستخفاف المتعمد بعقول الناس، وإغفال مقصود للقضاء المختص، و(المسرحية) الفاشلة من قبل الممثل والمخرجين لهذا الشريط حسب المتابعين له، والذي استمر لمدة نصف ساعة بحضور والد الممرضة الهامشي الذي لا مبرر له أيضاً.

قصة الخطف وراءها كأس من الشاي؟.

يقول نكد الذي ارتدى بدلة نوم سكرية اللون مخصصة للقاء التلفزيوني، أنه تعرف على شاب من قرية ملح يدعى نبراس بلان على (طريق تهريب المازوت) قبل سنتين من الآن، عملا معاً لفترة وانقطعت العلاقة بينهما..و بعد فترة ذهب علاء إلى ملح فوجد نبراس قد افتتح قهوة مع شاب اسمه نايف أبو دهن،حيث تم تقديم كأس من الشاي لهوفرح بها كثيراً، وبات كل يوم يذهب إلى ملح ليستمتع بالشاي والنارجيلة غريبة الطعم، لكن بالنسبة للعمل لم يتم الاتفاق على شيء حتى جاء يوم قال له صديقه نبراس أنه يجب خطف البدو المتواجدين بكثرة في المنطقة وطلب خمسين مليون ليرة على كل شخص، والعملية لا تحتاج إلى أكثر من أربعة أيام لأن البدو امتلكوا ثروات طائلة من تهريب المازوت، على أن يتم تحويل المبلغ إلى شخص في لبنان، وكلما احتاجوا المال يأتيهم على دفعات حتى لا يشعر بهم أحد.. أعجب علاء بالفكرة ولكنه كان خائفاً على الرغم من مواظبته على شرب الشاي والنارجيلة ..

أم هشام اللغز العصي على الحل في أحد الأيام اتصل نبراس بعلاء نكد، وطلب منه التحقق من منزل امرأة تدعى أم هشاملأنه قادم إلى زيارتها مع نايف أبو دهن وعندما جاؤوا أخبروه

بأن لدى أم هشام شخص يجب خطفه موجود في المشفى، وعندما استعلمت المذكورة عن علاء أخبرها نبراس أنه ثقة، حيث راحت تصف الشخص المطلوب خطفه، فهي موجودة بالمشفى الوطني وتعمل مساعدة طبيب تخدير،وهناك شخص في المشفى يعطي المعلومات الكاملة عنها، وعندما أصر نبراس على معرفة الشاب أخبرته أم هشام أنه ممرض في قسم الاسعاف في المشفى وهو أيضاً ثقة.

تم توزيع الأدوار للعملية فنايف يذهب على الدراجة النارية وعلاء يذهب سيراً حتى لا يشك أحداً بهم، وهناك يتلقى التعليمات على أن تكون اللهجةالمعتمدة للحديث بدوية حصراً.

وعندما استفسر نايف عن الطريق الذي يسلكونه عند الخطف أخبرتهم أم هشام أن هناك غرفة في حرش الكفر، فاتضح أن علاء يعرف مكانها، وطلب نبراس من أم هشام أن تجهز نفسها عند الحاجة على أن تلبس لباساً بدوياً وتتكلم بلهجة البدو في حال لم يستطيعوا سلوك طريق التهريب المعروف واللجوء إلى الغرفة في الحرش.

في اليوم الموعود طلب نبراس من علاء التوجه إلى المشفى لملاقاة نايف أبو دهن الذيأعطاه مسدساً حربياً، وانتظر الاثنان خلف المشفى انتهاء الدوام الرسمي،وبعد تأكد نايف من الهدف أخبرعلاء أن عليه الوقوف جانب سيارة الضحية حتى تصعد إلى سيارتها وعند ذلك يقوم علاء بالصعود في السيارة وضربها على الرأس دون أن يراه أحد، فنفذ علاء الأمر وغابت الممرضة عن الوعي، وتم وضعتها بين الكراسي دون أن يلاحظ الحراس الوظفين الخارجين من دوامهم أي شيء مريب؟؟؟.

يقول علاء في اعترافاته العشائرية: ركبت السيارة على طريق الرحى ونزلت باتجاه حاجز الكوم، فقبل الحاجز هناك مفرق يأخذنا إلى قرية سهوة البلاطة،وفي وسط الطريق نقلت الممرضة إلى (الطبون) جيب السيارة الخلفي، ومشيت باتجاه طريق السهوة. قبل حاجز الكفر - السهوة العسكري يقبع يميناً حرش الكفر، أوقفت السيارة ونزلت لأرى الفتاة إن عادت من غيبوبتها، وعندما وجدت أنها بخير طلبت منها أن تقود السيارة بهدوء، وأن تلتزم الصمت حتى لا تتعرض للأذى، نمت في الخلف والمسدس كان على خصرها، وتكلمت معها بلهجة البدو. دخلنا بلدة الكفر وطوال الطريق وأنا أطلب منها أن تسرع .. وقبل حاجز الكفر حبران تأكدت أن الوضع جيد، فقمت بوضعها مرة أخرى في الطبون وقدت السيارة باتجاه قريتي ميماس وسهوة الخضر .. وبعد أن وصلنا عند جبل عرمان سمعت صوتها تخبر شخصاً أنها مخطوفة.. كان نايف يراقب الطريق

فأخبرني أن أعود أدراجي لأن هناك من قطع الطريق فعدت إلى حرش السهوة ، ومنها إلى ما قبل كازية الكفر فحارة البدو في الكفر ومن ثم إلى المزرعة، فالغرفة المقصودة حيث أنزلت المخطوفة،وجاء خلفي نايف الذي بدأ يعذبها، حتى قدم نبراس بسيارته، وبعد لحظة قدمت أم هشام التي طلبت المال مدعية أنها قامت بما هو مطلوب منها، فيعطيها نبراس 20 ألف من حقيبة الممرضة..

المشاهدون لم يستوعبوا شيئاً..

بقي من قصة علاء نكد القليل لوصف طريقة عودة الممرضة، غير أن ذلك لم يحصل بطريقة ما، وبقي المشاهدين بحيرة عن علاقة الجميع بداعش وعلاقة نبراس وأم هشام بقصص سرقات الأدوية التي تداولها عدد من الأشخاص على مواقع التواصل، وهناك من أشار أيضاً إلى علاقة الممرضة المخطوفة بتهريب الأدوية.. غير أن كل ذلك ظل معلقاً وبعيداً عن أيدي القضاء على الرغم من كل المحاولات طوال الأسابيع الماضية لإقناع آل قطيش بضرورة تسليم علاء نكد للعدالة.

ومن خلال اعترافات علاء اتضح أنه الحلقة الأضعف في كل العملية التي لم تكتمل فصولها لأسباب ظلت مجهولة. ولكن المعلقين أيضاً لم يرحموا أصحاب السبق الصحفي في إغفالهم للحقائق عمداً دون أي توضيح، وكذلك في عدم سؤال والد الفتاة عن ترك المتهمة أم هشام طليقة حرة على الرغم من أنها أهم ضلع في عملية الخطف مع الممرض الذي تم ذكره في البداية دون تحديد اسم.

يبقى القضاء على الرغم من كل شيئ هو الحارس والضامن الحقيقي، فما تم تداوله عن (طرش الدم) والمحاكمة العشائرية هو افتراء على الحقيقة وطمس لقضايا كثيرة ما زالت مخبوءة .. وقد اتضح ذلك في نهاية اللقاء التلفزيوني عندما قال علاء نكد أنه ذهب إلى بلدة عرى بناء على طلب نبراس بلان لمقابلة شخص يدعى عبد الله لاستلام كيس صغير منه مقابل 200 ألف ليرة؟..

وما خفي كان أعظم..