الاثنين، 8 مايو 2017

العثور على المخلوق العجيب "آتا" هل هو كائن فضائي؟ أم جنين بشري؟

منذ العثور عليه في صحراء أتاكاما Atacama في تشيلي عام 2003، أثار هذا الهيكل الصغير موجةً من التساؤلات في الوسط العلمي، و أيضاً بين عامّة الناس ممّن تابعوا هذا الاكتشاف.


هل هو كائن فضائي؟ هل هو من أحد أنواع رتبة الرّئيسيات؟ أو ربّما هو جنين بشري مُشوّه و مُحنّط؟

و في خِضَم هذه المَعْمَعة، حازت فكرة أنّه كائنٌ فضائي على شعبية في بعض وسائل الإعلام. إلا أن العلماء والباحثين المنخرطين في القضيّة لم يدعموا هذه الفكرة.

"آتا" هو الاسم الذي أُعطِي لهذا الهيكل، والذي يبلغ طوله 15 سنتيمتراً (6 إنشات) فقط. وإنّ الخصائص التالية هي ما جعلت منه لغزاً علمياً:

يمتلك آتا 10 أضلاع فقط (مُقارنةً بـ12 ضلعاً في الهيكل الطبيعي للإنسان).

يدلّ شكل الجمجمة على احتمال وجود تسنّم الرأس (Turricephaly)، و هو عيب وِلادي تكون فيه قمّة الرأس مخروطية الشكل.

عدم اكتمال نمو عظام منتصف الوجه و الحنك.

رغم حجمه الصغير جداً (15 سم، ما يعادل حجم جنين في الأسبوع التاسع عشر من الحمل)، إلا أنه يمتلك بعض الأسنان الناضجة، بينما كانت العظام نامية بشكل جيد، و كثافة الصفائح المشاشيّة epiphyseal plates (صفائح النموّ، و هي المواقع التي تنمو عندها العظام) توازي تلك الموجودة عند طفل عمره 6 – 8 سنوات.

تمّ الاحتفاظ بـ"آتا" في برشلونة حتى عام 2012، ثم أُتيحت الفرصة للعلماء لدراسته من خلال تحليل الحمض النووي (DNA)، التصوير بالأشعّة السينيّة (x-ray)، و التصوير المقطعي (CT scan).

النتائج:

كانت نتائج فحص عيّنات الـ (DNA) حاسمة: هيكل "آتا" هو بشريّ حتماً. و رغم أن 9% من العينة لم تتطابق مع مرجع الجينوم البشري المُستخدَم، إلاّ أن هذا قد يكون نتيجة تحلّل في العينة، أو كأخطاء في عملية تحضير العينات في المختبر، أو حتى كنقص في المُعطيات.

و يقول قائد فريق الأبحاث غاري نولان: "إنّ آتا هو إنسان، ولا يوجد أي شكّ في ذلك".

ولمحاولة تفسير الخصائص التشريحية و البنيوية الغريبة في "آتا"، جاءت عدّة تفسيرات مختلفة:

القزامة (Dwarfism): قد يكون "آتا" قد عانى من حالة شديدة من القزامة، و بالتالي وُلد كإنسان ضئيل الحجم، وعاش حتى عمر 6 – 8 سنوات.

الشُّياخ (Progeria): حيث تظهر علامات التقدّم بالعمر والشيخوخة في مراحل مبكّرة جداً من الحياة، وبالتالي ربما يكون "آتا" قد هَرِم و توفّي داخل الرحم، أو بعد ولادة مبكّرة (خداج).

لكن لم يتم بعد العثور على دليل جيني يثبت الشياخ أو القزامة عند "آتا".

التسمّم: ربما تعرّض "آتا" وهو في الرحم إلى مواد ضارّة بالجنين (قد تكون كأدوية تعاطتها الأم، أو عقاقير، أو مُلوّثات بيئيّة). و ينوي الفريق القيام بمسح باستخدام مطياف الكتلة للعثور على مواد سامة أو ملوثات في العينة.

التحنيط: حيث يقترح هذا التفسير عدم وجود أي طفرات جينية عند "آتا"، وأن يكون قد أُجهِض أو وُلِد ميتاً، و من ثم تعرّض لعوامل الجفاف أو التحنيط الطبيعية، مما ساهم في إحداث تلك التغيّرات في شكل العظام والهيئة الخارجية. إلّا أن هذا المُقترح يفشل في تفسير نقص عدد الأضلاع، وكثافة صفائح النموّ.

و الآن، و بعد دحض الاعتقاد القائل بأن "آتا" قد أتى من أصل فضائي، أو غير بشري، يستمر فريق نولان بالبحث من أجل الوصول لتفسيرات أكثر دقة. و يَعِد نولان أنّه سيتم نشر النتائج بعد مراجعتها من قبل زملائه في الوسط العلمي.