السبت، 16 يوليو 2016

قاتل منال العاصي حراً بعد 18 شهراً


خمس سنوات سجن، هو ما تمخض عنه القضاء في حكمه على محمد نحيلي الذي قتل زوجته منال العاصي، بدم بارد على مدى أكثر من 7 ساعات، وعلى مرأى من عائلتها.


5 سنوات تصبح 3 سنوات و7 أشهر في حساب السنة السجنية البالغة 9 أشهر، قضى منها النحيلي منذ توقيفه في نيسان 2014، سنتين تقريباً، أي أنه يستعيد بعد 18 شهراً حريته ليربي ابنتيه اللتين حرمهما من أمهما بقتلها بأبشع الطرق: هل تتذكرون طنجرة الضغط والفاصوليا المختلطة بدم منال على الأرض؟ وهل تتذكرون كيف ضربها زوجها بعنف وتركها مضرجة وذهب إلى عمله بعد منع أسرتها من إسعافها؟ هل تتذكرون عودته لاستئناف قتلها بدم بارد ومنعه المسعفين من نقلها إلى المستشفى ثم مغادرته والعودة للإجهاز عليها؟. كل هذه الحيثيات هي التي دفعت القضاء في قراره الاتهامي إلى توجيه تهمة القتل العمد للنحيلي وطلب الحكم عليه بالمادة 549 عقوبات وعقوبتها تصل إلى الإعدام.
غير أن القرار الاتهامي شيء والحكم المخفض الصادر عن القاضية هيلينا اسكندر شيء آخر. اسكندر نفسها، المعروفة بمناصرتها لحقوق الإنسان ومشاركتها بوضع مسودة قانون العنف الأسري الذي شدد عقوبة القتل عندما يكون أسرياً، قررت أن يكون الحكم خمس سنوات.

لماذا؟

لا تفسير سوى القول إن من أرعب منال وعائلتها، معروف بنفوذه وبطشه في منطقة الطريق الجديدة وحتى بسطوته التي حالت دون تجرؤ أحد على التدخل معه خلال قتله زوجته على مدى 7 ساعات متواصلة وبعنف غير مسبوق، حتى أن العائلة لم تتجرأ على اتهامه في مستشفى المقاصد لدى نقل منال مضرجة بدمائها حيث قالت أمها إن ابنتها وقعت عن السلم. يومها شك الأطباء بروايتها واستدعوا الأمن لتنكشف لاحقا فصول الجريمة.

وبعد تسليم النحيلي نفسه، تم تعميم إشاعة «خيانة» منال. وعليه، سلم رجل نفسه للقضاء مع النحيلي ليقول إنه «شريكها» في «الخيانة». أُعدت «طبخة» تخفيف الحكم منذ تلك اللحظة، برغم إلغاء لبنان المادة 562 المتعلقة بالعذر المخفف لجرائم الشرف. وعليه، لا إسناد للقضاء في اللجوء للتخفيف بذريعة «الشرف».

وتمثلت الكارثة الكبرى في محاكمة منال القتيلة بـ «الزنى» في قبرها، وهو ما يتعارض مع المادة 489 عقوبات التي تفيد أنه لا يلاحق شريك «الزنى» او المتدخل إلا معاً، وبالتالي لا يمكن إجراء المحاكمة بعد مقتل منال. ومع ذلك صدر حكم بتجريم منال بـ «الزنى» برغم أن الشريك المفترض غادر لبنان بعد إدلائه بإفادته، مؤكداً أنه لم يحصل أي لقاء جسدي بينه وبين المغدورة، بل اقتصر الأمر على رسائل نصية. يذكر ان إثبات الشرع لـ «الزنى» في الإسلام الذي تدين به منال وقاتلها يقول بوجوب الجرم المشهود وأربعة شهود وبضبط الشريكين بوضعية لا تقبل الشك.

ومع محاكمتها وإدانتها في قبرها، برزت حيثية أساسية في القضية تمثلت بإسقاط عائلتها حقها الشخصي نتيجة ضغوط قاتل ابنتهم، وخوفاً من انتقامه.

ومع اسقاط العائلة حقها، لم يبق للعدالة سوى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت التي يحق لها تمييز الحكم وبالتالي فسخه وإعادته إلى محكمة التمييز التي تعيد المحاكمة، وتصدر حكما جديدا بعد إلغاء الأول كما حصل في قضية الوزير ميشال سماحة. فهل تنتصر النيابة العامة الاستئنافية بشخص الرئيس زياد ابو حيدر للعدالة ولمنال التي لم ينتصر لها أحد لا في آخر لحظات حياتها ولا في كل نومها الأبدي؟