الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

من الأكثر قطعًا للرؤوس؟ داعش أم الحكومة السعودية؟

كان هذا هو السؤال الذي أثارته “سارة ليا واطسون”، مديرة الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان عبر تغريدات لها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر في سبتمبر الماضي، في أعقاب ما ذكرته مصادر في البيت الأبيض عن عرض المملكة العربية السعودية تدريب من وصفتهم بالمعارضة السورية “المعتدلة” على أراضيها، من أجل مواجهة خطر تنظيم “داعش” على حد وصفهم، الأمر الذي دفع واطسون إلى التعليق بقولها “هل سيشمل التدريب في السعودية أيضًا عمليات قطع رأس؟ من الذي قطع رؤوسًا أكثر هذا العام؟ السعودية أم داعش؟” في إشارة منها إلى أحكام الإعدام التي تطبق بالمملكة والتي يتم أغلبها عبر قطع الرأس بالسيف.


لماذا لا تنتقد الولايات المتحدة عمليات قطع الرؤوس في المملكة العربية السعودية كما تفعل مع تنظيم “داعش”؟ فوفقًا للتقارير تم حصر قرابة 59 حالة إعدام عبر قطع الرأس في السعودية منذ بداية يناير وحتى منتصف أكتوبر من العام الحالي “مع الاعتبار أن الكثير من أحكام الإعدام في المملكة يتم تنفيذها بشكل سري”، حيث شملت قائمة التهم التي تم تنفيذ الإعدام بحق مرتكبيها تهمًا كالردة والزنا والشعوذة كما أعدم 4 أشخاص من عائلة واحدة وهم الشقيقان “هادي وعوض بن صالح عبد الله المطلق”، وقريباهما الشقيقان أيضًا “مفرح وعلي بن جابر زيد اليامي”، في أغسطس الماضي بتهمة “تلقي كمية كبيرة من الحشيش” وهي العقوبة التي تم فرضها – وفقًا لبيان منظمة العفو الدولية – بناء على اعترافات قسرية تم انتزاعها عن طريق التعذيب.

وأبدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قلقه من الزيادة الملحوظة في معدلات الإعدام بالسعودية، وقال سعيد بومدوحة، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية أن العديد من هذه الأحكام يتم تنفيذها في جرائم صغيرة، أو في تهم مطاطة وعبر اعترافات يتم انتزاعها من خلال وسائل تعذيب قاسية ودون معايير قانونية واضحة، كما يتم إهدار حقوق المتهمين في الدفاع والاتصال بمحاميهم وذويهم، ويبدو أن هذه الممارسات لا تقتصر فقط على البالغين فوفقًا لبيانات منظمة العفو الدولية أيضًا فقد أعدمت المملكة خلال هذا العام شخصًا واحدًا على الأقل دون سن الـ18 عام في انتهاك واضح لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الطفل وفقًا لما أوردته المنظمة.



ووفقًا لأرقام المنظمة أيضًا فقد تم تنفيذ 79 حكمًا بالإعدام على الأقل في المملكة خلال عام 2013، الأمر الذي يثير القلق بشأن أوضاع حقوق الإنسان في أحد الدول الحليفة للولايات المتحدة وأحد الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي الاتهامات التي يطال الولايات المتحدة منها نصيب أيضًا وفقًا لتقارير العديد من الصحف الأجنبية، ففي حين أدانت الولايات المتحدة قتل جيمس فولي وستيفن سوتلوف على يد “داعش” ووصفته بالحقير والهمجي تبدو الولايات المتحدة راغبة في غض الطرف عن نفس الممارسات حين تصدر من أحد حلفائها، وكأن ثمن الحرب على قطع الرؤوس الذي تقوم به “داعش” هو التغاضي عن قطع الرؤوس المقنن الذي تقوم به السعودية بحق مواطنيها.

السعودية: تحريض علني على قطع الرؤوس

التحريض العلني على القتل والإعدام يعتبر أمرًا شائعًا للغاية عند الدعاة والرموز المقربة من السلطة في المملكة، استنادًا إلى الطريقة السعودية في فهم الشريعة الإسلامية التي تتوسع في أحكام كالردة والخروج على ولي الأمر، وإثارة الفتنة وهي الأحكام التي تستوجب القتل وفقًا للرؤية السعودية.


ورغم الحرب الضروس التي تخوضها السعودية حاليًا ضد تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات الإسلامية المسلحة في سوريا، إلا أن العديد من المراقبين يرون أن الممارسات الداعشية ليست إلا أحد الامتدادات المنطقية للممارسات السعودية والتي تشمل التضييق الشديد الذي تمارسه المملكة ضد أية أصوات معارضة إضافة إلى حالة فقدان الثقة التي تنتاب العديد من الشباب السعودي تجاه الدين الرسمي الداعم لممارسات السلطة، الأمر الذي تؤيده الإحصاءات التي تتعلق بالمقاتلين المهاجرين ضمن صفوف الدولة الإسلامية وغيرها من التنظيمات الإسلامية في سوريا، والتي يتصدرها السعوديون بواقع أكثر من 2500 مقاتلًا وفقًا لأدنى التقديرات.

ويشكو العديد من السعوديون مؤخرًا من سوء المعاملة التي يتلقونها في المطارات في الدول العربية والأجنبية باعتبارهم “إرهابيين محتملين” على حد وصفهم، وهي ذات الشكوى التي يكررها الطلاب السعوديون المبتعثون في العديد من دول أوروبا.

الحكم بإعدام نمر النمر يثير جدلًا واسعًا

“ من مظاهرات الحوثيين في صنعاء احتجاجًا على الحكم بإعدام النمر”

مؤخرًا، أصدرت المحكمة الجزائية المختصة حكمًا بالإعدام “تعزيرًا” بخصوص رجل الدين الشيعي السعودي “نمر باقر النمر” بعد توجيه عدة اتهامات له تتضمن إثارة الفتنة وسب الصحابة وإهانة العائلة المالكة والخروج على ولي الأمر، ويعتبر النمر أحد أبرز المعارضين السياسيين في المملكة حيث عرف بدوره الكبير في الاحتجاجات التي اندلعت في شرق المملكة منذ أكتوبر عام 2011، كما اشتهر النمر بدعوته الشهيرة إلى انفصال القطيف والأحساء عن المملكة وانضمامها إلى البحرين لتشكيل إقليم موحد وتحكيم ولاية الفقيه فيهما.

وسبق للسعودية اعتقال النمر والإفراج عنه عدة مرات قبل أن تعتقله مرة أخرى في يوليو 2013، ويتم الحكم عليه بالإعدام في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، حيث أصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا نددت فيه بالحكم واعتبرته “جزءًا من حملة تقودها السلطات لسحق المعارضين لها والداعين إلى حماية حقوق الأقلية الشيعية في المملكة”.